أكّد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، على "أهمية الحل الدبلوماسي بعدما مل اللبنانيون الحروب"، وقال إنّ "العمل الديبلوماسي قد لا يعطي نتيجته سريعا لكننا نعمل يوميا مع الجهات الدولية بعيدا عن الاعلام لتحقيق الغاية المطلوبة".
موقف الرئيس عون جاء خلال زيارته المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
والقى الرئيس عون كلمة خلال لقائه مع المجلس قال فيها "جئتُ إليكم اليوم، طالباً منكم خدمة ألا وهي مساعدتي، ومساعدة كل مسؤول في لبنان، على ان نبدأ عملنا فوراً من المرحلة الثالثة... جئتُ إليكم اليوم، لأكشف لكم سراً مكشوفاً، تعرفونه مثلي وأكثر... وهو إن المسؤول، يحتاجُ ربما إلى مقوماتٍ كثيرة. وغالباً إلى أشخاص كُثر.. لكنه يحتاجُ أولاً إلى من يقول له... "لا"... ولو بصيغةٍ مهذبةٍ مخفّفة ... من نوع: "نعم ... ولكن"... شرط ألا تكونَ "لا" كيدية أو ثأرية أو أنانية. أو عدمية... ولا تكون حتماً، "لا"، من نوع قوم حتى إقعد محلّك"... المسؤولُ الحكيم يحتاجُ كل لحظة، إلى "لا" مبنيّة على العلم. وعلى البحث".
وأضاف "على الخُبراتِ المتراكمة. وعلى النزاهة الفكرية وخصوصاً خصوصاً، على هاجس السعي إلى المصلحة العامة وطبيعة هذا المجلس هو أن تكونوا كذلك فهنا، وفقط هنا، يلتقي العمالُ مع أرباب العمل... مع كل جهات الإنتاج الوطني.. مع كل محرّكي الاقتصاد الواسع.. مع تمثيل شامل لكل يدٍ تتعبُ وتكِدَّ، لتنتج في أرضِنا وبلدنا، ففي الشأن العام، ثمة مدرستان... مدرسة تعتقد بأن السياسة هي نشاطٌ سُلطوي... محورُه الحاكم ... وهدفه خيرُ الحاكم... أو في أوسع الآفاق، خيرُ حزب الحاكم، أو خيرُ "الحزب الحاكم"... وهناك مدرسة ثانية، تؤمنُ بأنّ السياسة هي نشاط إنساني... محوره الإنسان... وهدفه خيرُ الإنسان ... كل إنسان... أولاً وأخيراً... وأنا من المؤمنين بالمدرسة الثانية منذ وُلدت ونشأتُ في عائلتين، يشمخُ تواضعهما، بالشرف والتضحية والوفاء وحتى نلتُ شرف أن أكونَ الخادم الأول لأهلي وشعبي".
وقال "أنا إبن هذه الأرض. الطالع من جذورها وترابها وعرق الجباه الكادحة... بلا عِقد من أي نوع، ولا ادعاءاتٍ من أي صنف.. لذلك، أنا أحتاجُ إليكم... كما إلى كل لبناني حر...أحتاجُ إلى رأيكم. إلى مشورتكم. إلى خُبراتكم وعلمكم وتخطيطكم ودراساتكم... وهذا ما حققه مجلسكم الكريم، برئاسة الأستاذ شارل عربيد وكل الأعضاء حتى بات قانونكم المعدّل، والذي أقره المجلس النيابي مشكوراً، يُلزمُ الحكومة باستشارتكم، في كلِ شأن اقتصادي واجتماعي أو بيئي ويفتح للمؤسسات الدستورية الأخرى، باب الحق باستشارتكم أيضا فلا تتنازلوا عن هذا الحق.. ولا تتساهلوا في أدائه... وأنا هنا اليوم، لأتعهد لكم بأن أكون معكم أحمي واجبَكم وحقكم وأحتمي برأيكم وفكركم لنحقق جميعاً خير أهلنا وشعبنا... خير الإنسان، في وطن الإنسان لبنان".
ثم كانت مداخلات لعدد من النقباء تناولت مواضيع اقتصادية واجتماعية وبيئية وتربوية أشادت بخطاب القسم وأعربت عن الثقة بان إعادة لبنان الى السكة الصحيحة قد بدأ، متمنية للرئيس عون كل التوفيق في مسيرة إعادة بناء الدولة .
ورد الرئيس عون مؤكدا على أهمية الثروة الفكرية التي ينعم بها لبنان ويحملها معهم ابناؤه المنتشرون حيثما حلوا في دول العالم، معيدا التأكيد على ما ورد في خطاب القسم لجهة التأكيد على مسؤولية الجميع في إعادة النهوض بلبنان من جديد، معتبرا ان الامر ليس بصعب بل جل ما يتطلبه التفكير بالمصلحة العامة لا بالمصلحة الشخصية.
واذ دعا الى الابتعاد عن الزواريب الحزبية والطائفية والمذهبية التي دمرت لبنان ولم يخرج منها أي جانب رابح بل "فقد خسر لبنان كله بفعلها"، فإنه عبر عن امله في المجلس وفي الطاقات اللبنانية المبدعة في مختلف المجالات التي ساهمت في صمود لبنان رغم كل الازمات التي مر بها لايمانها بقضية وطنها الرئيسية، وذلك لوضعه على سكة التعافي.
وأكّد على أهمية الامن والقضاء في عملية النهوض الاقتصادي، ذلك ان "مشكلتنا الأساسية هي الفساد، ومن يغطيه هو فاسد"، متمنيا الا يشارك احد به ويشارك جميع اللبنانيين في كشفه حتى يعود الاقتصاد الى الانتعاش من جديد.
وفي ختام الزيارة التقطت الصور التذكارية وأقيم حفل كوكتيل بالمناسبة قبل ان يغادر رئيس الجمهورية عائدا الى قصر بعبدا.
وكان رئيس الجمهورية قد وقع على السجل الذهبي عند وصوله للمجلس، وكتب: "زيارتي اليوم إلى مقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي هي للتأكيد على الدور المحوري الذي يضطلع به هذا المجلس كأحد أهم المؤسسات التي أنشئت بموجب اتفاق الطائف، ولانه يمثل منبراً وطنياً للحوار والتشاور بين مختلف القوى الاقتصادية والاجتماعية في لبنان، ويشكل جسراً للتواصل بين المجتمع المدني والدولة لاسيما في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتزايدة التي يواجهها لبنان".
وأضاف "اهنىء رئيس المجلس والأعضاء على ما يقومون به من جهد لابراز أهمية هذا المجلس كمنصة للتفكير الاستراتيجي وصياغة السياسات المستدامة، وسأسعى إلى تفعيل دور هذا المجلس وتعزيز استقلاليته ليكون مرجعاً استشارياً فاعلاً وصوتاً للخبرات الوطنية في مختلف المجالات، ويكون نموذجاً للشراكة الحقيقية بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، من أجل تحقيق تطلعات اللبنانيين في وطن ينعم بالاستقرار والازدهار والعدالة للجميع".